- المنطقة الصناعية عطروت ذات تاريخ من الممارسات التلويثيّة تقابلها إجراءات تنفيذية محدودة.
- حتّى الشرطة قررت إخلاء قاعدة حرس الحدود في المنطقة نتيجة حالة التلوث المستمرة، لتبقى القرى الفلسطينية تعاني من أخطار تحدق في صحة مواطنيها.
- وجود منطقة صناعية ضخمة وملوثة بجوار السكان الفلسطينيين الذين ليس لديهم حق التصويت أو الاحتجاج هي حالة نموذجية لغياب العدل البيئي ولممارسة سياسات بيئية تمييزية.
توجهت يوم الأربعاء الموافق 31/07 جمعية مواطنون من أجل البيئة وجمعية جرينبيس بالتعاون مع جمعيات بيئية وحقوقية أخرى بطلب لوزيرة حماية البيئة، ووزير الصحة، ورئيس بلدية القدس من أجل الإعلان عن المنطقة الصناعية عطروت كمنطقة متضررة من تلوث الهواء وفقا للمادة 11 أ من قانون الهواء النظيف وبالتالي تطبيق الإجراءات المطلوبة في سبيل تقليل التلوث وما يلحقه من ضرر بصحة السكان وخاصة في المناطق الفلسطينية: قلنديا، بير نبالا، بيت حنينا والرام. إضافة إلى مستوطنة نفيه يعقوب شمال القدس.
يأتي هذا التوجه بعدما تلقّت جمعية “مواطنون من أجل البيئة” عددا من الشكاوى من سكان المنطقة حول الآفات البيئية والروائح الضارة الناجمة عن المنطقة الصناعية والتي يعمل فيها حوالي 300 مصنع، بما فيها من مصانع فرز الأسمنت والنفايات. تحديدا بعد توالي المعطيات حول نسب التلوث العالية والتجاوزات التي تقترفها المصانع.
تظهر القياسات الحالية -رغم محدوديّاتها- ارتفاعات متكررة وعالية جدا للجسيمات الدقيقة القابلة للتنفس (PM10). هذه الجسيمات (التي عادة ما تحمل أيضا ملوثات أخرى) تخترق الجهاز التنفسي وتساهم في الإصابة بأمراض مثل الربو والتهاب الشعب الهوائية وسرطان الرئة.
في السابق أظهر تحليل البيانات من وزارة حماية البيئة عام 2015 على سبيل المثال أن كمية الجسيمات الموجودة في الهواء في هذه المنطقة تتجاوز دائما المعيار المسموح به، والذي بالطبع هو ملزم قانونا لأن تجاوزه يشكل ضررا على صحة السكان خصوصا الأطفال وكبار السن.
وفقا للمعلومات التي تلقتها الجمعية من وزارة حماية البيئة، في السنوات 2021-2023 ، تلقى مركز الشكاوى التابع للوزارة حوالي 112 شكوى حول المخاطر البيئية الناجمة عن المنطقة الصناعية التي كانت كلها تقريبا حول مخاطر الرائحة القوية. وبحسب أقوالها فإنها اتخذت 22 إجراءً إداريا ضد المصانع في المنطقة الصناعية (14 جلسة استماع و 6 أوامر وقف إداري).
هذه الإجراءات التنفيذية القليلة عددا نسبة لعدد التوجّهات وكمّيّة المخالفات البيئية والتي لم تحدِث أي تغيير تقريبا في أداءِ المصانع، فإنّها تشهد على الواقع الإشكالي الموجود في المنطقة الصناعية، حيث تؤدّي معظم المصانع إلى مخاطر بيئية خطيرة ومخالفة للقانون ولشروط التراخيص.
يذكر أن حالة التلوث المستمرة في المنطقة الصناعية عطروت أدى مؤخرا إلى قرار الشرطة إخلاء قاعدة شرطة حرس الحدود في المنطقة -وهذا إن دلّ فيدلّ على مدى تفاقم الأزمة-، ورغم ذلك -وللأسف-، فإن القرى الفلسطينية المجاورة (قلنديا، بير نبالا، بيت حنينا والرام) وحتّى مستوطنة نفيه يعقوب شمال القدس ستظل عرضة للضرر الذي يلحق بصحة سكّانها طالما لم يتم اتخاذ التدابير اللازمة في ضوء حالة التلوث الشديد.
يفرض البند 11 أ من قانون الهواء النظيف على وزير البيئة، في حال تواجد تجاوزات مستمرة ومتكررة أو تلوث هواء استثنائي في منطقة معينة، أن يعلن عن المنطقة منطقةً متأثرةً بتلوث الهواء وإخطار السلطات المحلية داخل المنطقة المتأثرة بتلوث الهواء وبالتالي إلزام السلطات بإعداد خطة عمل وتخصيص موارد للتعامل مع المخاطر، وبالتالي تقليل الضرر على الصحة العامة في تلك المنطقة في ضوء حالة التلوث المستمرة ،
ومن المهم الإشارة إلى أن وجود منطقة صناعية ضخمة وملوثة بجوار السكان الفلسطينيين الذين ليس لديهم حق التصويت والذين لا يملكون القدرة الفعالة على الاحتجاج هي حالة نموذجية لغياب العدل البيئي ولممارسة سياسات بيئية تمييزية.