logo Citizens for the Environment
Search
Close this search box.

ثقافة الاستهلاك

ثقافة الاستهلاك

يشكل الاستهلاك في عصرنا الحالي نمط حياة يناقض مبادئ الاستدامة التي تعتبر اليوم الضمان الوحيد لتأمين حياة الأجيال القادمة.

ثقافة الاستهلاك لدينا تهددنا على جميع المستويات: الاجتماعية، الاقتصادية، النفسية والجسدية، وبطبيعة الحال- البيئية.

مع التقدم التكنولوجي والاجتماعي في الأجيال الأخيرة تحول الإنسان من “إنسان عاقل” (homosapiens) إلى “مستهلك” (homo consumer).

نلاحظ في السنوات الأخيرة أن الطرح البيئي يأخذ أبعادا أكثر عمقا محاولا الوصول إلى جذور المشاكل، وكما نعرف، فإن هذه المشاكل لا تتواجد في “الجانب الآخر”. ليسوا “هم” الذين يلوّثون البيئة وإنما “نحن”، كل واحد وواحدة منا، بوعي أو من دون وعي.

هذا هو جذر المشكلة.

نشتري ونشتري دون التفكير في كمية النفايات التي ننتجها أثناء تمرير بطاقة الاعتماد. المشكلة ليست فقط مشكلة الكمية – نوعية المنتجات وجودتها أصبحت مشكلة أكبر، حتى في مجال الأغذية.

هناك العديد من السموم التي تدخل عالمنا وأجسادنا، بموافقتنا، بل حتى وندفع كامل ثمنها وأحيانا نفعل ذلك بمتعة لا توصف.

عندما نجلس على سبيل المثال لاحتساء كوب من القهوة مع كعكة، عادة لا نسأل أنفسنا ما هو مصدر القهوة، الحليب، الطحين والسكر.. كذلك، قلّما نفكر ما هي كمية السكر والمواد الضارة التي أدخلناها لأجسامنا والتي تضر بلا شك بصحتنا.

بالنسبة لمعظمنا تعتبر عملية شرب فنجان من القهوة مع كعكة – متعة كاملة، أليس كذلك؟

نحن أيضا لا نتوقف عادة لنتساءل حول كيفية تأثير شرائنا مثلا لغسالة جديدة [لتكون ملابسنا أنظف وأكثر عطرة وربما أوفر …] على تلوّث التربة، تلوث الهواء (وقبل الأخذ بعين الاعتبار التأثيرات الاجتماعية والصحية والبيئية في ذلك البلد حيث تم تصنيع الجهاز).

مع حلول الاعياد، قمنا بإعداد دليل خاص يساعدكم على اختيار مشترياتكم بحيث تحافظون على البيئة والصحة. باستطاعتكم تعبئة الاسم وعنوانكم الالكتروني وسوف نقوم بإرسال الدليل اليكم مباشرة

حان الوقت لنفكر بطريقة مختلفة وأن نعي أن الأمور مترابطة ببعضها، تتصل وتصل في نهاية المطاف إلى صورة قاتمة للوضع العام، تماما كما هو موَضّح في الرسم أدناه الذي رسمه چاي موراد لجمعية مواطنين من أجل البيئة في صيف عام 2013:

نجح چاي بطريقته الفريدة من نوعها، أن يجسد لنا كيفية ترابط الأمور ببعضها: مشترياتنا الكثيرة تخلق في نهاية المطاف جبالا من النفايات التي تلوث التربة، المياه الجوفية وكذلك الهواء، خاصة إذا تم حرق هذه النفايات، الأمر الذي لا يزال يحدث في كثير من الأحيان في بلادنا. عندما نشرب الماء، عادة ما نشرب معه أجزاء من هذا التلوث الذي صنعناه بأيدينا. هذا الوضع جعلنا بحاجة لمعالجة المياه بالكلور والعلاجات الضارة الأخرى كي تكون مطابقة للمعايير- تلك المعايير التي ليست بالضرورة ملائمة لصحتنا.

نقضي معظم وقتنا أمام الشاشات التي تسمم وعينا الذاتي والعام، وبالأخص تجعلنا نستهلك أكثر وأكثر. هذا الاستهلاك له تأثير حاسم على التلوث الصناعي لأن ازدياد الطلب على الشراء يستدعي إنتاج منتجات أكثر وأكثر مما يتطلب استنفاذ المزيد من الموارد الطبيعية، المزيد من المواصلات وهكذا دواليك …وهذا يعني المزيد من التلوث.

في الواقع، يشكل استهلاكنا الجانب الأمامي من شاشة الوعي الذاتي للإنسان المستهلك، بينما تشكل الصناعة الملوثة الجانب الخلفي منها.

وإن لم يكن كل هذا كافيا، فإن الصورة الكاملة لا تخلو من ممثلي مختلف السلطات الذين لا يكفّون، ببراعة يحسدها عليهم أفضل خبراء العلاقات العامة، عن محاولة إقناعنا من فوق كل منصة، كم هو رائع واقعنا، بدلا من القيام بدورهم لتحسين الوضع. الأمر الوحيد الذي يبعث على التفاؤل في هذه الصورة هو أنه لا يزال يوجد هنا وهناك بعضا من المواطنين الذين يرفعون الستارة عن الواقع كي يتسنى لنا أن نرى الحقائق كما هي، من دون الحاجة لتجميلها أو التستر عليها.

 

وهنا لا بد أن نذكر مقولة مارغريت ميد، باحثة الأنثروبولوجيا، الشهيرة: “يحتاج العالم لمجموعة صغيرة فقط من الأشخاص من أجل إحداث التغيير”

والسؤال المطروح الآن هو ما إذا كنا نحن أيضا، أنا وأنتم، جزءا من هذه المجموعة.

شارك

المزيد

ثقافة الاستهلاك
مقالات

ثقافة الاستهلاك

يشكل الاستهلاك في عصرنا الحالي نمط حياة يناقض مبادئ الاستدامة التي تعتبر اليوم الضمان الوحيد لتأمين حياة الأجيال القادمة. ثقافة الاستهلاك لدينا تهددنا على جميع